Boussairi Rachid .
قبل فوات الأوان
من أبجديات العمل النقابي التي يعرفها المبتدئ قبل الممارس أن تكون النقابةُ يقظةً اتجاه كل ما من شأنه أن يَمس مصالح الذين تُمثلهم، واليقظة تعنى تجميع ثلاث عناصر أساسية: الوعي الفكري، والقوة الإقتراحية، ثم الإرادة النضالية.
1. الوعي الفكري أعني به قوة الإدراك لأبعاد المسألة الاجتماعية التنظيمية والاقتصادية والقانونية. والمتتبع "لأشغال" المؤتمر الثاني للجامعة يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن مستوى الوعي الفكري عند "المناضلين" متدني للغاية، أستثني المناضلين الذين منعوا من الكلام والتعبير داخل المؤتمر/المؤامرة فهؤلاء الرجال هم الشعلة التي كانت لتضيء ظلمة الجامعة لولا أن الاستبداد كتم أنفاسها.
2. القوة الإقتراحية هي صمام الأمان لكل منظمة نقابية تحترم مناضليها والذين تمثلهم، هي التي تُمَكن من إيجاد حلول لمشاكل مستعصية قد يظنها الإنسان العادي مستحيلة، طبعا لا يمكن لمن لا باع فكري له ولا تجربة في الممارسة النقابية أن يكون سوى قوة إنبطاحية. أحد "المناضلين" في الجامعة اقترح داخل المؤتمر/المؤامرة أن يضاف في القانون الأساسي للنقابة بند يمنع على من له انتماء سياسي أن ينخرط فيها؟ لا تستغربوا من المُقترح (الراء مفتوحة ومكسورة لأن الوجهان يجوزان في زمن النفاق) بل استغربوا من الكاتب العام الجديد الذي أعجبه الاقتراح وصفق له. هل يدري صاحب القوة الانبطاحية أن جامعته تنتمي للإتحاد المغربي للشغل؟ هل يدري أن القانون الأساسي للإ م ش يتناقض من هذا الطرح؟ هل يدري أن القوة الإقتراحية المتبقية في الإتحاد المغربي للشغل يمثلها اليسار الثوري الذي ينتمي لأحزاب سياسية من قبيل النهج الديمقراطي، وحزب الطليعة .. وكلها أحزاب لا تؤمن بالمقاربة المخزنية وتعارضها جهارا نهارا؟ أشك أن صاحبنا يعرف كل هذا.
3. أما الاستعداد والإرادة النضالية فهي السلاح الذي تمتلكه النقابات للدفاع عن مقاربتها وقوتها الإقتراحية وعن مصالح الذين تمثلهم. الإرادة النضالية هي القوة الاقتحامية، هي الإصرار الدائم على التحدي، هي التهديد بالإضراب ثم تنظيمه إن اقتضى الحال ذلك، كما يقولون ابغض الحلال إلى النقابات الإضراب. الإرادة النضالية في جامعة الطاقة قتلت منذ أن استولى مجلس الأعمال الاجتماعية على النقابة، لن أجتهد في البحث عن تعليل لذلك، يكفي أن تطلعوا عن أوراق المؤتمر/المؤامرة لتجدوا لغة الإصرار والاستعداد وحتى التهديد منعدمة في أدبيات الجامعة، أما في خطاب القيادة الجديدة فلازلتَ تسمع تنكرا لإضراب 2005 وكأنه معصية كبرى جلبت لهم العار مع الإدارة المبجلة.
إذن هي ثلاث عناصر مفقودة في النقابة التي يتحكم فيها مجلس الأعمال الاجتماعية. لا ليست مفقودة فقط، بل هم يحاربون بكل شراسة ليبقى الوضع كما هو عليه. لا يريدون لمناضليهم أن يفهموا اللعبة وقواعدها، لا يريدونهم أن يكتسبوا تجربة نقابية ليكونوا قوة اقتراحية، لا يريدون لنقابتهم خطا نضاليا. هذه هي لاءاتهم الثلاث اتجاه الشغيلة الكهربائية، أما أمام الإدارة فإن لاءاتهم تصبح نـــعم.
كثير منكم قرأ مذكرة رئيس الأعمال الاجتماعية المؤرخة في 19 نوفمبر 2009 وموضوعها التبشير بمصادقة المجلس الإداري للكوس على الزيادة في مساعدة الدخول المدرسي. نعم رأيتم المذكرة، لكن هل طرحتم بعض التساؤلات المنطقية التالية؟
لماذا انتظر زروال خمسة أشهر ليزف للشغيلة خبر الزيادة في المساعدة (البئيسة) رغم أن القرار صودق عليه في الدورة الأخيرة للمجلس الإداري للكوس أي في 19 يونيو 2009 ؟
لماذا الآن أي بعد المؤتمر/المؤامرة حيث أصبح كاتبا عاما للنقابة؟
أليس في ذلك استخفاف بالشغيلة أطرا وعمالا؟
إستخفاف آخر هو الخلط العجيب الذي يحاولون التلبيس به على مناضليهم، يقولون اطمئنوا فإن المشروع (الذي صادق عليه مجلس الحكومة سابقا والمجلس الوزاري في الأسبوع الماضي) ليس إدماجا بل لا يعدو أن يكون تجميعا... وكأن المشكل تم اختزاله في كلمتا إدماج وتجميع.
سميه ما تشاء، إدماج، تجميع، انصهار.... المهم أن المشروع في بنده الأول يقرر بوضوح أن الذي سيتم إحداثه هو مكتب جديد لم يكن موجودا من قبل اسمه المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وهو مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي، هذه المؤسسة تلغي كلا المكتبين، بمعنى أن شيئا اسمه المكتب الوطني للكهرباء سيصبح في حكم العدم، وأن المستخدمون وكل التزامات المكتبين وممتلكاتهما والقروض المترتبة عليهما تنقل إلى المكتب الجديد، وأن ميزانية المكتب الجديد في شق المداخيل تتكون من بين ما تتكون منه المداخيل المتأتية من أنشطته، وأنشطته تعني أنشطة ما كان يسمى المكتب الوطني للكهرباء وكذا المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، كلاهما ينعشان مداخيل المكتب الجديد. وهنا أسئلة جوهرية ستطرح على أعضاء المجلس الإداري للمكتب الجديد وينبغي أن تقض مضجع النقابة اليقظة (بالمعنى الذي ذكرت سابقا):
ما مصير 1 في المائة من مداخيل الكوس من ميزانية التشغيل الخاصة بشيء كان اسمه المكتب الوطني للكهرباء (البند 30 من القانون الأساسي للمستخدمين)؟
هل سيستمر هذا الدعم للمجلس إذا علم أن مالية المكتب الجديد يشترك فيها المكتبين السابقين؟
كيف سيصبح المنهج التدبيري للأعمال الاجتماعية؟ إداري كما هو عليه الحال في الماء؟ أم نقابوي كما هو في مكتب الكهرباء؟
نعم هناك تطمينات في مشروع القانون (البند 13) بأن يظل المستخدمون في كلا المكتبين يتمتعان بمكتسباتهم النظامية في مرحلة انتقالية إلى حين إقرار النظام الأساسي الموحد لمستخدمي المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وهنا تتناسل أسئلة أخرى:
كم ستدوم هذه المرحلة الانتقالية إذا علمنا أن مشروع التجميع بأكمله تم الإسراع به بشكل غير اعتيادي؟
ما هي الضمانة لأن يكون النظام الجديد ذو فائدة على الكهربائيين؟ إذا عُلمت ثلاث أمور مهمة:
1. أن كثير من المنح والمساعدات هي غير نظامية أي أنها غير موجودة في نظامنا الأساسي، تذكروا مساعدة العيد، منحة الكفاءة...
2. أن الحفاظ على وضعية الكهربائيين إن كانت مفيدة ستنعكس على 7000 عامل في مكتب الماء لأنهم سيطالبون بتسوية وضعيتهم لتتكافأ مع الكهربائيين.
3. أن جامعة الطاقة لا تتوفر لا على الكفاءة الفكرية ولا على القوة الاقتراحية ولا حتى على الإرادة النضالية كما أسلفت. ليس مكان التذكير بالوضعية المالية التي يعيشها مكتبنا والتي ستضيق الخناق على الاقتراحات إن وجدت.
إذا تأكد ما ذكرت فسينتظرنا خطر عظيم، إلا إذا بحثنا عن بدائل تضمن للعمل النقابي نضاله وقوته الإقتراحية واستعداده لانتزاع الحقوق المشروعة.